ألعاب نارية أم قنابل- نهاية الحضارة في برج الخوارزميات؟

المؤلف: مي خالد10.16.2025
ألعاب نارية أم قنابل- نهاية الحضارة في برج الخوارزميات؟

منذ عامين، بينما كنت أقف مع أسرتي على قمة شاهقة في جبال القوقاز، استمتعت بمنظر أخاذ، يكاد لا يصدق من جماله. كانت الخيول والأبقار ترعى بهدوء وسكينة خلفنا في المروج الخضراء الوارفة، بينما كانت الأضواء الساطعة تضيء الأفق البعيد بألوانها البراقة المتقطعة.

أسرنا جمال تلك الأضواء، ودعونا بعضنا البعض للاستمتاع بهذا المشهد المهيب، حتى جاء فلاح من أهل المنطقة، يقود محراثاً قديماً مزيناً بشعار مرسيدس مقتلع من سيارته، وأخبرنا بابتسامة عريضة أنها ليست مفرقعات أو ألعاباً نارية، بل هي قنابل الحرب التي تنهال على «كييف».

منذ ذلك الحين، لم تفارقني فكرة نهاية الحضارة، وإلى أي مدى أصبح هذا المصير وشيكاً، حتى أننا قد نخطئ بين القنابل العنقودية والألعاب النارية المبهجة!

في أسطورة بابل، التي قد تتكرر في المستقبل كما حدثت في الماضي، اتحدت البشرية بلغة واحدة في مدينة بابل، وبدأوا في بناء برج يمتد نحو السماء، لكن الآلهة عاقبتهم بتبليل ألسنتهم، فتفرقوا في الأرض وتشتتوا إلى لغات مختلفة، وانهار برجهم العظيم بعد أن تعذر التواصل بين البنائين بسبب هذا الاختلاف اللغوي.

اليوم، نعيش في عصر تترجم فيه اللغات تلقائياً إلى لغة رقمية عالمية، والاتصال الفوري يحول العالم إلى مدينة واحدة مترامية الأطراف، والجميع يساهمون في بناء برج خوارزمي استهلاكي ضخم. وكما هو معروف، فإن النمو اللانهائي على كوكب محدود الموارد أمر مستحيل، ولكن كيف ومتى سينهار هذا النظام الرأسمالي الخوارزمي مثلما انهار برج بابل؟ هذا ما لا يعرفه أحد!

هل سيقوم الذكاء الاصطناعي بترجمة نفسه بكل لغة، حتى يختلط الكلام ويُقضي على اللغة نفسها؟.

هل رأيتم فأراً يصنع فخاً للإيقاع بالفئران؟ بالطبع لا، لكننا شهدنا الإنسان يصنع القنبلة النووية، ويعلم الآخرين في دورات مكلفة كيف يبنون أبراجهم الشاهقة ويعبدون أنفسهم.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة